فتوى بخصوص وقت الإمساك في رمضان


فتوى بخصوص وقت الإمساك في رمضان
                                      بقلم د. أحمد عبد الخالق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد.
فإنه منذ زمن بعيد، تظهر مشكلة في كل رمضان، ويدور حولها لغط كثير، وهي في نظري تعتبر من الفتن التي نحن في غنى عنها. هذه المشكلة تتعلق بوقت الإمساك للصائم، فمتى يمسك الصائم ؟ أيمسك قبل أذان الفجر المعروف لدينا، والذي حدده علماء الفلك في التقاويم التي بين أيدينا، أم أنه يمسك بعد أن يظهر النهار وينتشر ضوؤه في الآفاق؟ وإذا كان الأمر كذلك فما معنى قوله تعالى: [من الفجر] ؟؟؟ ثم إذا كان التقويم الذي بين أيدينا غير دقيق ولا يعتمد عليه في تحديد وقت الفجر، فلماذا نعتمد عليه في تحديد أوقات الصلوات الأخرى؟ ولماذا نفطر عليه في وقت المغرب؟؟؟ هذه أسئلة عديدة تطرح نفسها علينا، وأرجو أن نصل إلى وجه الحق فيها، حتى لا يبطل صومنا ونحن لا ندري، وحتى لا نُضِل الناسَ بفتاوى صادرة من غير ذي صفة، فنتحمل أوزارا وأوزارا مع أوزارهم، ونُسأَل عن أنفسنا وعمن أضللناهم، فنبوء بإثمنا وإثمهم. – ونعوذ بالله من ذلك -
الجــــــــــــــــــــــــــــواب:
وللإجابة عن هذه الأسئلة نقول وبالله التوفيق: هناك خلاف بين العلماء في هذه المسألة. وخلافهم ناتج عن قوة الأحاديث وضعفها، وتقديمها وتأخيرها، أي كونها ناسخة ومنسوخة، واختلافهم في مفهوم الفجر.
الفريق الأول: القائلون: بأن وقت الإمساك هو أذان الفجر الصادق (وهو الفجر الذي به تكون الصلاة والمحدد في التقاويم التي بين أيدينا) وقد استدلوا على مذهبهم بالأدلة التالية:
الأول - حدثنا محمد بن عبيد الله حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: [كنت أتسحر في أهلي، ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله r]
والثاني - حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، حدثنا قتادة، عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: [تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية . ([1])
ويعلق الفقهاء على هذين الحديثين. ومن ذلك ما قاله الإمام النووي تبعا لعياض: وإنما حمَل الخيطَ الأبيضَ والأسودَ على ظاهرهما بعضُ من لا فقه عنده من الأعراب، كالرجال الذين حكى عنهم سهلُ وبعضُ من لم يكن في لغته استعمال الخيط في الصبح كعدي.
وادعى الطحاوي والداودي: أنه من باب النسخ، وأن الحكم كان أولا على ظاهره المفهوم من الخيطين. واستدل على ذلك بما نقل عن حذيفةَ وغيرِه من جواز الأكل إلى الإسفار. قال: ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى: {من الفجر} قلت: ويؤيد ما قاله – من نسخ الحكم السابق -، ما رواه عبد الرزاق بإسناد رجاله ثقات أن بلالا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يتسحر فقال: الصلاة يا رسول الله، قد والله أصبحت. فقال: يرحم الله بلالا، لولا بلال لرجونا أن يرخص لنا حتى تطلع الشمس.
ويستفاد من هذا الحديث، كما قال عياض: وجوب التوقف عن الألفاظ المشتركة وطلب بيان المراد منها، وإنها لا تحمل على أظهر وجوهها وأكثر استعمالاتها، إلا عند عدم البيان. وقال بن بزيزة في شرح الأحكام: ليس هذا من باب تأخير





[1] - صحيح البخاري ﺟ/2 ﺻ/678 باب رقم/  8  وعنوانه " تأخير السحور" حديث/1820 والثاني: باب/9 وعنوانه: قدر كم بين السحور وصلاة الفجر. حديث/ 1821
بيان المجملات، لأن الصحابة عملوا أولا على ما سبق إلى أفهامهم بمقتضى اللسان. فعلى هذا، فهو من باب تأخير ماله ظاهر أريد به خلاف ظاهره. قلت: وكلامه يقتضى أن جميع الصحابة فعلوا ما نقله سهل بن سعد. وفيه نظر.!
الأثر المترتب على هذا الرأي:
وقد ترتب على ذلك ما جرى من خلاف في مسألة طلوع الفجر وهو يأكل، أو يشرب. فقد استدل بالآية والحديث على أن غاية الأكل والشرب: طلوع الفجر فلو طلع الفجرـ وهو يأكل، أو يشرب فنزع تم صومه. وفيه اختلاف بين العلماء. ولو أكل ظانا أن الفجر لم يطلع، لم يفسد صومه عند الجمهور، لأن الآية دلت على الإباحة إلى أن يحصل التبيين. وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن بن عباس قال: أحل الله لك الأكل والشرب ما شككت. ولابن أبي شيبة عن أبي بكر وعمر نحوه. وروى بن أبي شيبة من طريق أبي الضحى قال: سأل رجلُ ابن عباس عن السحور؟ فقال له رجل من جلسائه: كُل حتى لا تشك. فقال ابن عباس: إن هذا لا يقول شيئا، كُل ما شككت، حتى لا تشك. قال ابن المنذر: وإلى هذا القول صار أكثر العلماء.
وقال مالك: يقضي. وقال ابن بزيزة في شرح الأحكام: اختلفوا هل يحرم الأكل بطلوع الفجر، أو بتبينه عند الناظر تمسكا بظاهر الآية. واختلفوا هل يجب إمساك جزء قبل طلوع الفجر أم لا بناء على الاختلاف المشهور في مقدمة الواجب.. ([1])
الفريق الثاني: القائلون بأن المقصود من الفجر هو ظهور النهار، وبالتالي فإنه لا يعتد بالفجر المدون بالتقاويم التي بين أيدينا، ولا بالأذان الذي يقام في كل المساجد، وعلى رأسها المسجد الحرام والمسجد النبوي.
وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بروايات عديدة لا تخلو من مقال، أو النسخ. ومن ذلك:
أولا - [لا يمنعكم] بسكون العين بغير تاكيد قال بن بطال: لم يصح عند البخاري لفظ الترجمة، فاستخرج معناه من حديث عائشة وقد روى لفظ الترجمة وكيع من حديث سمرة مرفوعا [لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق] وقال الترمذي هو حديث حسن ا ه .
ثانيا - حديث سمرة عند مسلم أيضا، لكن لم يتعين في مراد البخاري فإنه قد صح أيضا على شرطه حديث بن مسعود بلفظ [لا يمنعن أحدَكم أذانُ بلالٍ من سحوره، فإنه يؤذن بليل، ليرجع قائمكم] الحديث. وفي حديث سمرة الذي أخرجه مسلم بيان لما أبهم في حديث بن مسعود، وذلك أن في حديث ابن مسعود: وليس الفجر أن يقول: [ورفع بأصابعه إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول: هكذا] وفي حديث سمرة عند مسلم: [لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا] يعني معترضا. وفي رواية [ولا هذا البياض حتى يستطير] وقد تقدم لفظ رواية الترمذي. وله من حديث طلق بن على: [كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد، وكلوا واشربوا، حتى يعترض لكم الأحمر] وقوله يهيدنكم بكسر الهاء أي يزعجنكم فتمتنعوا به عن السحور فإنه الفجر الكاذب.
ولابن أبي شيبة عن ثوبان مرفوعا: الفجر فجران. فأما الذي كأنه ذنب السرحان، فإنه لا يحل شيئا ولا يحرمه، ولكن المستطير، أي هو الذي يحرم الطعام ويحل الصلاة. وهذا موافق للآية {من الفجر} وذهب جماعة من الصحابة وقال به



[1] - فتح الباري شرح صحيح البخاري ﺟ/4 ﺻ/135، 136
الأعمش من التابعين وصاحبه أبو بكر بن عياش إلى جواز السحور إلى أن يتضح الفجر فروى سعيد بن منصور عن أبي الأحوص عن عاصم عن زر عن حذيفة قال: [تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو والله النهار، غير أن الشمس لم تطلع] وأخرجه الطحاوي من وجه آخر عن عاصم نحوه. وروى بن أبي شيبة وعبد الرزاق ذلك عن حذيفة من طرق صحيحة. وروى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر من طرق عن أبي بكر: أنه أمر بغلق الباب حتى لا يرى الفجر. وروى بن المنذر بإسناد صحيح عن على أنه صلى الصبح، ثم قال: الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
قال بن المنذر: وذهب بعضهم إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت ثم حكى ما تقدم عن أبي بكر وغيره وروى بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي وله صحبة أن أبا بكر قال له أخرج فأنظر هل طلع الفجر قال فنظرت ثم أتيته فقلت قد أبيض وسطع ثم قال أخرج فأنظر هل طلع فنظرت فقلت قد اعترض فقال الآن ابلغني شرابي. وروى من طريق وكيع عن الأعمش أنه قال لولا الشهوة لصليت الغداة ثم تسحرت.
 قال إسحاق: هؤلاء رأوا جواز الأكل والصلاة بعد طلوع الفجر المعترض حتى يتبين بياض النهار من سواد الليل قال إسحاق وبالقول الأول أقول لكن لا اطعن على من تأول الرخصة، كالقول الثاني. ولا أرى عليه قضاء ولا كفارة. والله أعلم. ([1])
اعتراض على هذا الرأي:
وقد اعترض على هذا الرأي أصحابُ الرأي الأول بما ذكره الحافظ أبو جعفر الطحاوي بقوله بعد أن روى حديث حذيفة، وقد جاء عن رسول الله rخلاف ما روي عن حذيفة، فذكر الأحاديث التي اتفق عليها الشيخان وغيرهما، منها قوله r ( لا يمنعن أحدكم أذانُ بلال ) الحديث. وقال أيضاً: وقد يحتمل أن يكون حديث حذيفة والله أعلم قبل نزول قوله تعالى:  {وكلوا واشربوا..} الآية.
وقال أبو بكر الرازي ما ملخصه: لا يثبت ذلك من حذيفة، ومع ذلك فهو من أخبار الآحاد، فلا يجوز الاعتراض على القرآن. قال الله تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) فأوجب الصيام بظهور الخيط الأبيض الذي هو بياض الفجر فكيف يجوز التسحر الذي هو الأكل بعد هذا مع تحريم الله إياه بالقرآن.([2])
الترجيح والتعليق على ما سبق.
أما عن الترجيح، فإني أرجح الرأي الأول القائل: بأن وقت الإمساك هو أذان الفجر الصادق (وهو الفجر الذي به تكون الصلاة والمحدد في التقاويم التي بين أيدينا. وذلك للآتي:
أولا:أنه ربما كان هذا معمولا به في أول التشريع، ثم نسخ، وأن الذي استقر عليه التشريع هو الإمساك عند أذان الفجر، وهذا ما عليه الفتوى الآن وما اتفق عليه العلماء، وهذا ما يجري عليه العمل به في أفضل البلاد وأقدسها: الحرم المكي والحرم النبوي، من غير نكير من العلماء السلفيين، أو غيرهم.
ثانيا: أن الإسلام يحترم العلم ويقدسه، حيث إن أول آية نزلت في تشريعنا: {اقرأ} وأن الله تعالى قد رفع من قدر العلم والعلماء، فقال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} وقال: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب}



[1] - فتح الباري شرح صحيح البخاري ﺟ/4 ﺻ/136، 137
[2] - عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني ﺟ/10 ﺻ/299

ومن فضل الله تعالى أن العلماء قد وفقهم الله عز وجل إلى التوصل إلى معرفة مواعيد مولد القمر وغروبه وموعد طلوع الفجر والشمس والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وبناء عليه فإننا نصلي الأوقات كما حددوها لنا، ونفطر في رمضان على حسب ما حددوا لنا من توقيت. فما الذي حدث لنا إذاً؟ كيف نعتمد على هذه التقاويم ونعتقد بصحتها في كل شيء إلا في الفجر فقط، فإنها في نظرنا لا تعرف الفجر الصادق من الفجر الكاذب.
لماذا نصدق العلم عندما يخبرنا بأن خسوفا، أو كسوفا سوف يقع يوم كذا وفي الوقت كذا؟ ولماذا نصدق العلم عندما يخبرنا بأن إعصارا سوف يصيب منطقة كذا يوم كذا في الوقت كذا وعلى سرعة كذا؟ ولماذا نصدق العلم عندما يخبرنا بأن سفينة الفضاء سوف تهبط على سطح القمر يوم كذا في وقت كذا، وسوف تعود إلى الأرض في موعد كذا، ولم يحدث خلل في أي موعد؟ فلماذا الفجر بالذات، قد فشل العلم في إثباته، ولم يتوصل إلى تحديد الفجر الصادق من الكاذب؟
ثم إذا كان الناس في الزمن الأول قد اعتمدوا على معرفة وتحديد الأوقات بالطرق التي كانت متاحة لديهم، فإن الناس في زماننا لديهم طرق حديثة بها يحددون أوقاتهم، ولم ينكرها عليهم الشرع الحنيف. فلماذا الغلو في الدين وإضلال الناس؟ أليس الاحتياط أولى من الوقوع في المحظور؟ أليس الحذر مطلوبا في العبادات؟
ثالثا: الاعتماد على فتاوى الكثير من العلماء الثقات الذين يعتد بفتواهم. ومن هؤلاء: الشيخ محمد بن عثيمين  فقد سئل عمن يأكلون والأذان الثاني يؤذن في الفجر لشهر رمضان , فما حكم صحة صومهم ؟
ج:   المجيب: الشيخ محمد بن عثيمين
المصدر: فتاوى رمضانية للعلامة بن عثيمين - رحمه الله -
إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر يقيناً فإنه يجب الإمساك من حين أن يسمع المؤذن فلا يأكل، أو يشرب.
أما إذا كان يؤذن عند طلوع الفجر ظناً لا يقيناً ,فإن له أن يأكل و يشرب إلى أن ينتهي المؤذن من الأذان .
الفتوى الثانية:
س - نرجو الإفادة عن وقت الإمساك والإفطار في الصيام بالنسبة لنا حفظكم الله.
المفتي: فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية 
الإجابة: 
صدر قرار من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في بيان ابتداء وقت الصيام ونهايته هذا نص مضمونه:
أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً ولم يختلف فيها أحد من العلماء وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.
ثانياً: مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجرفيه المصيب أجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره، واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}، وبقوله صلى الله عليه و سلم: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته". وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به. ونظراً لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً، لانعلم منها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة، فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ماكان عليه، وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ماتراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته .
ثالثاً: نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب وما ورد في ذلك من أدلة من الكتاب والسنة واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك فقرروا بإجماع عدم اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية لقوله صلى الله عليه و سلم: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته". وقوله صلى الله عليه و سلم: "لاتصوموا حتى تروه ولاتفطروا حتى تروه". ومافي معنى ذلك من الأدلة. (انتهى)
وأما ابتداء وقت الصوم ونهايته لكل يوم فقد بينه الله جل وعلا في قوله تعالى: {فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} والآية عامة للمسلمين في كل مكان وكل بلد لهم حكمهم في ليلهم ونهارهم ..
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الفتوى الثالثة:
س- متى يكون وقت الإمساك عن الطعام في رمضان ؟؟ هل هو قبل أذان الفجر، أم بعده ؟؟ لقد اختلفت الأقوال في ذلك  أفيدونا أفادكم الله والله ولي التوفيق .
يجيب عن الفتوى د.المطيرات  المشرف العلمي.   البلد : الكويت
الإمساك يكون عند دخول وقت الفجر فإذا أذن الفجر وجب الإمساك لقوله تعالى : ( وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ) ومعنى الآية الامتناع عن الأكل والشرب عند دخول وقت الفجر ، أما الإمساك قبل الفجر بعشر دقائق كما هو معمول به عند كثير من الناس فبدعة محدثة مخالفة للآية ومخالفة لحديث "‏ اِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ - أي الأذان الأول -فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ اُمِّ مَكْتُومٍ ‏"‏ ‏. رواه مسلم ، وهو صريح في جواز الأكل إلى طلوع الفجر الثاني .
فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يتبع أمر الله ورسوله وإن خالف الناس ، فإن الخير كل الخير في اتباع الكتاب والسنة والسير على نهجهما . والله أعلم .
الفتوى الرابعة:
س-  ما حكم من يأكل عندما يسمع الأذان ويقول الوقت حتى ينتهي المؤذن من الأذان
وهناك من يقول: وقت الإمساك بعد الأذان بعشرة دقائق هل هناك أقوال أخرى؟
ومتى يبدأ وقت الإمساك الحقيقي للصيام؟ في رمضان وغيره؟
 يجيب عن الفتوى الشيخ وليد محمد المصباحي
 بسم الله والحمد لله.قال الله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ), فهنا الآية الكريمة علقت الإمساك بالتبين أي بتبين الفجر والتبين قسمان :
 -1
تبين بيقين.أي بتيقن طلوع الفجر ودخول وقت الإمساك.
2
- تبين بغلبة الظن.أي بغلبة الظن على طلوع الفجر ودخول وقت الإمساك .والتعبد والحجة قائمة على المكلفين بالتيقن وبغلبة الظن كما هو متقرر في موضعه من علم الأصول.يبقى الحديث عن الوسيلة التي يتم بها التبين سواء بيقين أم بغلبة ظن .فيقال للمكلف :كيف تعلم دخول وقت الإمساك ؟
فإن قال:
1
- أعلم دخول وقت الإمساك بسماعي أذان الفجر، لأني أعيش في مدينة -مثلا- أو ليس عندي خبرة بطلوع الفجر بمجرد النظر فأعتمد على الأذان.فنقول :إذا أكلت عند سماعك الأذان فقد أفطرت عمدا وأذنبت ذنبا عظيما ,لأنك أفطرت بعد التبين ويكفي في حصول التبين غلبة الظن .
2
- أعلم دخول وقت الإمساك بالساعة أو بالإمساكية.فنقول: إذا أكلت عند وقت الإمساك المذكور في الإمساكية فقد أفطرت عامدا ,لأنك أفطرت بعد التبين .
3
- أعلم دخول وقت الإمساك برؤية الخط الأحمر في ألأفق لأني أعيش في قرية أو بادية أو على رأس جبل وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم (كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر)أخرجه ابو داود والترمذي .فنقول: لايلزمك الإمساك بسماع الأذان ولا بالإمساكية ولا بسماع مدفع الإمساك وإنما برؤيتك لعلامة الفجر الصادق لأنك جعلتها علامة للتبين .والذي جرى عليه عمل أهل المدن في زماننا جعل الأذان الثاني للفجر علامة للتبين فيلزم الجميع الإمساك عند سماعه ,ومن أكل بعد ألأذان بعشر دقائق أو أقل أو أكثر فقد خالف قول الحق تبارك وتعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) لأنه أكل وشرب بعد التبين وقد قال الله تعالى في آخر هذه الآية (تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون).فإن قال قائل:عندنا يؤذن للفجر الثاني قبل وقت الإمساك بعشر دقائق؟!قلنا وما يدريك ؟!!هذا أمر لايمكنك ضبطه ,إلا بأمر واحد أن ترسل رجلا خبيرا يميز بين الفجر الصادق والكاذب وتجعله بعيدا عن أضواء وضوضاء المدن ، ليخبرك هل ظهر الخط الأحمر أم لا,وهذا متعذر ,فقولك: إنه يؤذن للفجر قبل وقته بعشر دقائق ,تخرص وليس أمرا مبنيا عن علم ومصدر موثوق يحصل به الاطمئنان ,والأذان متيقن وماعداه مشكوك فيه والموضوع عبادة فكيف يعدل إلى الشك ويترك المتيقن في أمر يجب فيه الاحتياط وهو العبادة.فإن قلت :أنا عندي مصدر موثوق بأنه يؤذن قبل وقت الإمساك بعشر دقائق!قلنا :متى ماحصل لك العلم والاطمئنان ,فعليك أن تبني تبينك على الوقت لا على الأذان فيكون هو محل ضبطك لا الأذان .والله الموفق.
الفتوى الخامسة:
5 - الضابط في وقت الإمساك عن الطعام
اجاب عليها فضيلة الشيخ  د. عبد الله الجبرين رحمه الله
السؤال: فضيلة الشيخ:
قضية الإمساك عن الأكل والشرب في ليالي رمضان غير واضحة في ذهني، هل يجوز أن آكل، أو أشرب مع بدء الآذان -، أو في أثناء الآذان - أم لا يجوز؟ وهل لا بد من الإمساك قبل الآذان بوقت معلوم؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فذكر الفقهاء والأصوليون أنه لا بد من إمساك جزء من الليل مع النهار؛ كغسل جزء من الرأس مع الوجه لكن الآية صريحة وهى قوله تعالى: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) وذلك يدل على إباحة الأكل والشرب حتى يتبين الفجر الصادق وهو البياض المعترض، كما ورد إباحة الأكل والشرب حالة الآذان، بأن سمع الآذان والإناء في يده، أو اللقمة في يده فله أكلها والشرب حتى يفرغ، مع أن المؤذنين في هذه الأزمنة عادة يحتالون ويتقدمون قبل الوقت بنحو خمس دقائق، فلا يلزم الإمساك ساعة سماع أول الآذان.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا ما توصلت إليه من علم في هذه الفتوى والله أعلم.             
                                                     د. أحمد عبد الخالق